المسؤولة عن المجلة سلمى إبراهيم

السبت، 9 ديسمبر 2017

:_لا تنسيني - بقلم الشاعرة ربا مسلم / سوريا



_لا تنسيني -
::
يا امرأة من يا سمين 
أخفضي سقف عطرك قليلا 
كفاه يدغدغ أحلامي 
كل ليلة
يعبث بها
ثم يرحل مطمئنا
أن الحرائق تلتهمها
ماكر وجه المطر
يخفي خلفه دموع حنين
يا امرأة بعيون وطن
كم يشبهني حزنك ِ
خذيني إليك ِ
وفكي على مهل
عقد القبائل
لاجىء جئت عينيك ِ
أطمع بظل
يكسر حر خيباتي
يا امرأة من حنين
لم يعرف الحب من لم يهو شاعرة
تقلب الدنيا بحروفها
ثم تمضي كأنها لا أحد
تشردها وردة
تغرق بقطرة ندى
يبكيها المطر
تحنو على رفاتها
لو استباحها العطر يوما
تتأخر عن ذكرياتها
حتى لا يفوتها حرف يحترق
يا امرأة تغيب في أشواقها
فيعلن الهواء تصوفه
والبحر حداده
حين نفترق
لا تنسيني إلى أبد الآبدين
تعالي إلي في الليالي المقمرة
نجما ضل عن مجرته
تعالي كريح ناعمه
وعانقيني كلحن حزين
لا...لا تنسيني
ياامرأة من ياسمين
.......... .......
ربا مسلم .

قراء في نص الشاعرة ربا مسلم /وطن يشبهني / بقلم الشاعرة سلمى إبراهيم










قراء في نص الشاعرة ربا مسلم /وطن يشبهني / بقلم الشاعرة سلمى إبراهيم 

تعتبر الدلالة في قصيدة النثر من أهم مقوماتها وأسسها ، وصياغتها بصورة شعرية هادفة في معناها و جميلة في تركيبتها يجعلها تستدرج المتلقي وتستفز خياله وفكره وحتى عواطفه و تأخذه نحو التفكير والتحليل وعيش أحداثها من منطلق آخر أي من منطلق الشاعر وفكرته، حتى وإن كان يعيش القضية في ذاتها بشكل يومي ولكن قصيدة النثر تقدمها له بطريقة أخرى أكثر شاعرية، و بأكبر حرية و ببصمة عاطفية وفكرية ولابد وأن تكون مميزة. 
وهذا الذي عملت على تحقيقه الشاعرة ربا مسلم في هذا النص الرائع ودون أن تلجأ إلى الضبابية أو الرمزية المعقدة ( فالمتلقي اليوم، لا يحتاج إلا أن يقول له الشاعر أنا هنا أعيش معك وأحس بك تماما)، بل اعتمدت كعادتها على إحساسها الطاغي ولسان أنثى التي استطاعت ببراعة أن تعطينا فكرة عن مزيج غريب بين الحب والوطن ، الوطن الذي يشبهنا في تفاصيله الحزينة والتعيسة، والحب الذي يضحى به من أجل الوطن، وكأن فرحة الحب لا تكتمل إلا بفرحة الوطن، وبتالي هنا وحسب رأي وحسب دلالات النص أن الحبيب هو الشهيد أو اللاجئ أو المختفي بسبب ظروف البلاد والحرب ، لتبقى الحبيبة تعاني تلك التفاصيل لوحدها والتي وضحتها الشاعرة في أكثر من موضع في النص: 
في قولها 
ليد لم تقطعها الحرب 
لصدر لم تمزقه رصاصة
لعيون لم تغمضها قذيفة 
أسرق أنفاسي لأثمل بعطر خانني 
لينتشي بوسام لاجىء
وفي وقولها أيضا 

أدير ظلي لنهر عبرني يوما منك 
لأسمعك تدندن بصوت غائب 
موطني ...موطني 
ياللحنك
سرقني مني وترك عمري 
وفي قولها أيضا 
يسحبني من تحت الأنقاض 
يلملمني يلفح وجه غربتي 
بنسيم حار 
يصبغ ظلي بسمرة لها مذاق شفتيك
وهنا الشاعرة ربا مسلم أطلقت العنان للبكاء في أكثر من موضع حتى تصل الصورة بحزنها الثقيل والموجع ، لأنها لا تعبر عن حال ذاتها ، بل تعبر عن حال الكثيرات في وطنها وبتالي أخذت على عاتقها إيصال رسالتهن من خلال هذا النص وخصوصا أرامل الشهداء ، ويتبين ذلك من خلال هذا المقطع المحزن فعلا والمؤثر: 
اخلع مدني أجيئك حافية كنهر 
مضيئة كغبار النجوم 
لأخبرك أن الحرب لم تكسرني حتى الآن 
لازلت قادرة على الوقوف لأنحني لمواكب الشهداء
فكل تلك الدلالات صاغتها الشاعرة لتجعلها مرافقة أو مرادفة لجذوة الألم، الألم ذو الوجهين ألم الحب والفراق وألم الوطن و الحرب، وهنا بتقنية ذكية منها تُوضح أن الألم الأول يذوب ويتلاشى في الألم الثاني و الألم الأعظم، وهو الألم على الوطن و تقول أنها هي بكل كيانها وعاطفتها وأنوثتها احتلها الخراب والدمار مثل هذا الوطن. مثلما جاء في المقطع التالي: 
وطن يشبهني 
يتشهى وجعي 
وأتشهى حنان حطامه
أنا إن ماتت ذاكرتي 
لمن أغني 
حزني أعمق من المحيط 
من هذا الليل الطويل 
وفي حضتك سيدي 
متسع لي ولقصيدتي الهاربه
من وحشة هذا الزمن
فلا تنم فبل أن تسمع أغنيتي 
عسى تهطل دمعتك من عيني 
فتلتقطها شفتاي
خذني من النسيان 
ولأن عاطفة الحب تبقى متأججة في القلب ، رغم الحرب والدمار و لان الحب دائما يفرض نفسه بقوة في أيام الحزن الشديد، وعلى الرغم من كل شيء يبقى أنين صوته في دماغه وقلوبنا لا يزول ، تختم الشاعرة بمناجاة حبيبها و تدعوه بطريقة ما للعودة و طرد فكرة النسيان ، وكأنها تقول أنا مازلت أتمسك بالأمل والحياة والحب وأنت وحدك حبيبي عنوان لكل هذا، فانتشلني من تحت كل هذا الدمار فبعودة حبنا ربما يعود الوطن المنكسر كانكسار قلوبنا ، فتعال نصلح هذا الانكسار وهذا في مقطعها الأخير 
خذني من النسيان 
دثرني من برده
لا تتركه يشربني حتى آخر قطرة 
اعبر بي نهر وحدة كاد يغرقني 
انحر المسافة بعناق 
لأبتعد عن موتي قليلا
سقط حلمي قرب ليلك فالتقطه 
أو اسحب ظلك من طرقاتي 
فلا أنا هنا
ولا أنت هناك
وحده الوطن هنا ....هنا
................
فتحية لك شاعرتي وصديقتي الغالية ربا مسلم على هذا النص الرائع جداا ، أتمنى لو أن مخرجا سينمائي يخرج فيلما يوثق أحداث الحرب في سوريا ، ويجعل بطلة الفيلم تلقي هذا النص سيكون مشهدا يلصق بالذاكرة إلى الأبد.
دمت ملكة الإحساس والجمال والأقرب إلى الخيال والواقع في نفس الوقت

قراءة في ''همرات شوارسكوف'' بين شعر السياسة وسياسة الشعر/ الشاعر كريم عبد الله/ بقلم الناقدة عزة الخزرجي / تونس .

قراءة في ''همرات شوارسكوف''
بين شعر السياسة وسياسة الشعر
الشاعر كريم عبد الله
بقلم الناقدة عزة الخزرجي / تونس .
اختزلت صورة هولاكو العصر في تجلً من تجليًات المدنية الغربيًة الحديثة وأشيائها ووسائلها العسكريًة ''الهمرات'' وغيًب صاحبها ومستعملها إمًا تحقيرا له وإمًا تعبيرا عن انحسار بعده الإنساني وتضخًم بعده المادي إذ في مدن التطاحن ترقً العاطفة ويقوى الجانب الكميً ويطغى وهو معيار تفوًق وغطرسة انعدام توازن في القوى بين مدنيًة غربيًة متغوًلة متألًهة وحضارة شرقيًة مهدًدة في كيانها ووجودها يزحف إليها ''جراد أسود '' طمعا في مكاسب كثيرة متذرعا بشتًى الذرائع
لــ أسلحةِ الدمارِ الشامل نكهة ٌ جرّأتِ
الهمرات المسعورةِ تركبُ المحيطاتِ
البعيدةِ وتملأُ الفضاءات بـ الجرادِ الأسود
.أذا فنصً ''همرات شوارسكوف'' لشاعر كريم عبد الله يتنزًل في إطار مسلك اختصً بتحميل الشعر هموم الجماعة بل مشاغل حضاريًة وإنسانية محرقة لآنيتها لينصرف هكذا الشعر إلى نواح يبلغ فيها الشاعر درجات من الالتزام في ظلً مذهب ينزع إلى تخصيص التجربة الشعريًة والعدول بها عن الأنماط الجاهزة .
وهذا المتكلًم في القصيدة بصدد رصد حركة للتًاريخ قائمة على الجدل بين اليومي والمرجع الشعري .فما مدى مطابقة هذا لذاك؟ وان كنًا لا ننفي البتًة وجود علاقات متينة بين اليومي والشعري بيد أنً الحدث الشعري لزاما إن يستقلً عن الحدث التاريخي المتمثًل في حرب الخليج وغزو العراق دون أن تنقطع العلاقات بينهما وتبعا لذلك لا نقرأ نصً ''همزات شوارسكوف'' لكريم عبد الله على ضوء ما حدث في الساحة السياسيًة العراقيًة والعالميًة من وقائع لأنً الشعر وان كان يحمل قضايا كقضيًة غزو العراق على يد هولاكو العصر وحلفائه فاًه لا يمكن أن يكون مرآة عاكسة لمرحلة سياسية وتاريخيًة من تاريخ العراق المعاصر .
فكيف سيحقًق الشاعر كريم عبد الله شاعر ''همزات شوارسكوف'' المعادلة الصعبة فينغرس في صميم واقعه المعيش دون ن يسقط في الوعظ المباشر والحماسة الهدًارة ؟
وكيف سيتسنًى له العدول عن شعر السياسة إلى سياسة الشعر ؟
وكيف سيفلت نصًه من دائرة قراءة الواقع بمنطق غير شعري حتًى لا تبخس القصيدة حقًها في تعميق التجربة الإنسانية ؟
لا جدال في أنًنا في رحاب كون شعري حريص على ما به يكون النصً شعرا فلن ندرك أحداث حرب الخليج كما هي بل كما تمثلها الشاعر كريم عبد الله من واقع ما ومن رؤية ما موقع المتسائل ممعمن النظر المفكًر ورؤية الناقد الكاشف عن أيد خفيًة محرًكة للعبة أمم غازيًة طامعة تذكًر بشخصيات متغطرسة عبر التاريخ ومنها هولاكو.
فكيف سيتجلًى هولاكو العصر وحفاؤه وذيوله في قصيدة ''همزات شوارسكوف؟
انً المتمعًن في أعطاف هذا النصً الشعري وثناياه يدرك أن ً الشاعر على وعيً عميق بأن الوقائع الكبرى المتصلة بالوجود والكينونة والمصير لا يمكن أن تدرك إلاً عبر بناء درامي كثيف وهذا المنزع الدرامي لشاعر خبير بالمسرح وآلياته إذا أردنا تعريفه في بساطة وإيجاز '' انُه الصراع في أي ً شكل من أشكاله والتفكير الدرامي هو ذاك اللون الذي لا يسير في اتجاه واحد وإنمًا يأخذ في الاعتبار أنً كل فكرة تقابلها أخرى'' ومن هذا المنطلق أقام الشاعر كريم عبد اله نصًه الشعري على تقابل بين طرفين واحد ينزع إلى الحياة من موت الآخر انه الغازي الجشع النهم وآخر يسعى إلى نقض ذلك بكلً ما أوتي من قوًة وقد تكون قوًته ضاربة في أعماق التاريخ تحضًرا وعراقة .انًه الجدل بين أطراف متباينة الأنحاء وإذا تقصينا الصور الرمزيًة وهي ما بها يكون الشعر شعرا بان أنًها قائمة على هذا التضاد إذ تأتلف رموز وتختلف أخرى لرصد حركة التاريخ في اصطراع أطرافها
وبذلك تضمًن المقطع الأوًل صورا من الموت بلغت درجة كبيرة من القتامة والتوحًش وكأنًها '' صورة تموز وقد غاص ناب الخنزير في كبده فانسكب دمه مظلما ظلمة تلك القلوب الغازية في الوادي ونضحت العظام ملحا '' ولرسم مشهد التدمير والخراب الذي حلً بالمكان وأهله تخيًر الشاعر كريم عبد الله ما كان موحيا بالغطرسة والهمجية والزحف المغولي الجارف ومنها ''الهمرات المسعورة'' و الجراد الأسود ''وتبذر الايدز'' و''الضراوة'' و''اغتصاب الأحلام'' و''القذائف'' و''تهجم'' ''وتأكل الأخضر واليابس'' وما هذه الملفوظات الاً ذات منابت منحدرة من حقل دلالي موح بالزحف التتري في صورته الحديثة ليبذر أزهار الشرً ويبيد كل ما يعترض تقدًمه الآثم المكتسح لكلً رموز الحياة والانبعاث
وأمًا المشهد الضديد المقابل فقد قد ً من صور تمتصً أهم ً خصائص الأسطورة البابليًة دون أن تستحضرها تتلبًس بها ولا تنفكً عنها وتوظًف حشدا من الرموز الأسطوريًة للإيحاء بأن ً الصراع التاريخي بين مدنيًة غربيًة ذات سطوة ماديًة وعسكريًة وتفوًق تكنولوجي وحضارة شرقيًة عريقة تكابد لتوقف هذا الزحف المغولي وتلجمه حتى لا تطمس ملامحها العتيدة التي طالما وقفت في وجه الغزاة عبر التاريخ
وهكذا انفعل الشاعر كريم عبد الله بمظاهر القهر والتجبًر لتكون رؤيته للوقائع ذاتيًة خاصًة من لدن مبدع لا يشاركه فيها الآخرون وقد التبست برؤيا الشاعر فيقدًم ما يحسً به تجاه الوجع اليومي ولا يقدًمه كما هو فهنالك أجواء تاريخية حفًت بنصً ''همزات شوارسكوف'' ولكنًه لا يعكسها كما هي فلا إبلاغ بعصف بسلطان الشعر فنجد الشاعر كريم عبد الله يتفاعل مع قضايا راهنة عاشها وعاينها ولكن لم تكن الغلبة لمنطق السياسة ولم يتراجع نفوذ الشعر وها أنًنا نستشفً بين ثنايا رموز الشاعر وإيحاءاته إحساسه بالكدر في عالم مدني لا حضاري مظلم . فلم يعصف الالتزام بالقضايا الراهنة بالشعري ولم يجعله على عتبات التيه والتلاشي في الخطاب السياسي فلا ضياع للشعري في ما ليس منه والشاعر على وعي حاد بأن ً البناء الدرامي وما أقامه من جدل بين قطبين متضادين والرمز وطاقاته التعبيريًة يقي الشعري من السقوط في هوًة رفع الشعارات الجوفاء تصمً الآذان وسرعان ما تتلاشى وتندثر وتزول
وأمًا الباحث عن عالم آخر غير العالم الذي '' دروبه من حبال من نار ''
فيظلً حاملا بذرة انتظار لإرادة الإنسان ى لنقض القهر وشروطه لتتحرًر من تاريخ المهرجين والأقزام ''والمتحاف الآسنة'' وتتحوًل إلى طور تعايش أليف بين الناسً عند ضفاف أزهار دجلة وعلى مشارف الأختام الأسطوانيًة على سروج انانا
( همرات شوارسكوف )*
لغة المرايا والنصّ الفسيفسائي
لــ أسلحةِ الدمارِ الشامل نكهة ٌ جرّأتِ الهمرات المسعورةِ تركبُ المحيطاتِ البعيدةِ وتملأُ الفضاءات بـ الجرادِ الأسود تبذرُ الأيدز في أرضِ ( مايتريا )* بضراوةٍ معتلّةٍ لـ تكتشفَ خرائطَ الهمبركر أفواهَ المدنِ المملوءةِ الحاناً مريرة مقتنعةً بــ جدوى اللعبةِ وإغتصابِ الأحلام القادمةِ تغمضُ عيونها الشرهة ملتهمة ضجيجَ الشوارع ومحلاّتِ ( سوق الهرج )* وأزهارَ دجلة . القرى الهناكَ أطلقتْ عنانَ خيولها السومريّة بــ صدورها السمراءَ تتفشّى نيرانها مستكفية تركّزُ قذائفَها الحمراءَ تهشمُ الأختامَ الأسطوانيّة على سروجِ ( إنانا )* المذهّبةِ فاتحةً ابوابَ جهنمَ ( تأكلُ الأخضرَ بـ سعرِ اليابس )* تتواثبُ تحشرُ الصباحَ في سردابِ الليلِ المكفهر تزيّفُ ضوء القمر . على هوادجها القاسيةِ تحملُ الضجيجَ ورؤوساً نوويّةً خيالها المبتذل يتبجحُ تبث ُّ فوضاها أقزاماً يحطّمونَ ( أجنحة الثورِ )* خلفَ حواجزَ ( نمرود )* تصطفُ خطبهم الرعناءَ مفخّخة تسوّرُ التاريخَ بـ المهرجينَ إساءاتهم متاحف آسنة تتناحرُ فيها الغربانَ فـ تشمّرُ وساوسها مستغرقة في ثيابِ الفتنةِ تحتضرُ .
شوارسكوف : القائد العام للقوات الاميركية في حرب الخليج ضد العراق .
مايتريا : المعلم العالمي .
سوق الهرج : من الاسواق المزدحمة في وسط بغداد .
إنانا : ابنة لـ آن رب السماء في اوروك.
تأكلُ الأخضرَ بـ سعرِ اليابس : من الامثال الشعبية العراقية .
أجنحة الثورِ : الثور المجنح .
نمرود : تقع في العراق، وتحديداً إلى الجنوب من مدينة الموصل العراقية؛