المسؤولة عن المجلة سلمى إبراهيم

السبت، 11 نوفمبر 2017

شاهد حتى الانتحار بقلم الشاعر /جمال المصري

Photo de ‎جمال المصري‎.

شاهد حتى الانتحار
في غرفةٍ في آخرِ القلبِ هناك
كلُّ ما فيها أبَدْ
بَدَدْ بَدَدْ
ليستْ بلدْ
سكنْتُ فيها ألفَ جيلٍ بَعْدَ جيلْ
عُمرِي طويلْ
مِثْلَ نوحٍ رُبَّمَا
بلْ رُبَّمَا يزيدُ عنهُ بالقليلْ
في غرفتي يا حَسْرتي عمري طويلْ
كحَيَّةٍ طويلةٍ رأيتها يومَ الرَّحيلْ
في غرفةٍ في آخرِ القلبِ هناكْ
لا ظلَّ فيها كي يَمِيلْ
فكلُّ ما فيها قَتِيلْ
حتَّى يَسُوعْ
يأبى الرُّجوعَ نحوها حتَّى يَسُوعْ
جُدرانُها من أدمعٍ في أدمعٍ فوقَ الدُّموعْ
دمعٌ خفيفٌ سقفُها
وأرضُها دمعٌ ثقيلْ
لكنَّها ليستْ تسيلْ
لا تسألوني لستُ أدري لا تسيلْ
ليستْ سدومْ
فكلُّ ما فيها يدومْ
في غرفةٍ لا يفتحُ الأبوابَ من أبوابها
إلا المَوَاتْ
يمشي على بلاطِها
يمشي الكلامُ حافيا من الكلامِ والسُّكاتْ
لا الموتُ فيها حاجةٌ لا حاجةٌ فيها الحياةْ
في غرفةٍ في آخرِ القلبِ هناكْ
كلُّ ما فيها هلاكٌ في هلاكْ
صارتْ أبدْ
بَدَدْ بَدَدْ
ليستْ بلدْ
في غرفةٍ في آخرِ القلبِ هناكْ
كُلُّ ما فيها وَجَلْ
أجَلْ أجَلْ
جاءَ الأجَلْ
قَبْلَ القطارْ
فغرفتي محطةٌ وكلُّ ما فيها انتظاري
وانكسارٌ نائمٌ
قُرْبَ انتظارٍ يجلسُ الآنَ وحيدا بانتظارِي
ساهِمًا فوقَ الرصيفْ
جاءَ الخريفْ
مَرَّ الخريفْ
ولمْ يزلْ صوتُ الحفيفْ
لمْ يزلْ فوقَ الرصيفِ حَالمًا بالانتصارْ
فيا انتظارا بانتظاري يا انتظارْ
خدعةٌ ذاكَ الرصيفْ
خدعةٌ ذاكَ الحفيفُ والخريفْ
محطتي لا تعرفُ الفصولْ
فكلُّ ما فيها أفولٌ في أفولْ
لا تعرفُ الليلَ ولا طعمَ النَّهارْ
ما أخْرَجَتْ أو أدْخَلتْ مِنْ بابِها
يومًا قطارْ
فلا تَسَلْ أينَ القطارْ
ويا انتظارا بانتظارِي واقفًا بينَ يَدَي
قِفْ ها هُنا وانظرْ إليْ
محطتي في آخرِ القلبِ هناكْ
وكلُّ ما فيها أنا
أنا الرصيفُ والحقائبُ التي فوقَ الرصيفْ
وقاطِعُ التَّذاكرِ الغافِي هُنا
كانَ أنا
أنا التّذاكرُ
وشرطةُ المرورِ والعساكرُ
والآتي والمُسافرُ
والواقفونَ بانتظارْ
أنا القطارُ والدخانُ اللاهثُ
خلفَ القطارْ
فيا انتظارا بانتظارِ الانتظارْ
عُدْ إلى البيتِ ونَمْ
في غرفةٍ في أخرِ القلبِ هناكْ
كلُّ ما فيها ألمْ
جاءَ اليهودُ كاللصوصِ في النصوصِ
جاءَ اليهودْ
فَرَّ الجنودُ نحونا يا أمَّنا فَرَّ الجنودْ
لا لمْ يموتوا إنَّما مَاتَ العَلمْ
مِنْ حسرةٍ في غرفةٍ
في آخرِ القلبِ هناكْ
كلُّ ما فيها ألمْ
غنمْ غنمْ
ناموا فنمْ
جاءَ العدمْ
لدمعتينِ سالتا مَعًا مَعَا
شبَّاكُ عيني لم يزلْ مُشَّرَعَا
الشاعر /جمال المصري

0 التعليقات: