المسؤولة عن المجلة سلمى إبراهيم

الاثنين، 26 فبراير 2018

قراءة نقدية لنص ظنون صغيرة / للشاعرة أمنية غتامي / بقلم الشاعر والأديب مصطفى امزارا

Aucun texte alternatif disponible.


قراءة نقدية  لنص  ظنون  صغيرة  / للشاعرة  أمنية غتامي / بقلم  الشاعر والأديب مصطفى امزارا

******************
لا شكَّ عندي
وأنا أُجَمِّلُ بَشاعةَ كَوابيسي
أمامَ شاشاتٍ مُقَعَّرَةٍ
أنّي أُدَربُ جَسدي
على احترامِ الإشاراتٍ الحمراءِ
وأنا أسْتَلُّ لسانَ الكلامِ
منْ فمِ قصيدَة..
***
لا شكّ عندي
عندما أصْحو
من بقايا الضَّحكِ الحامضِ
أنني سأعشقُ
أسواقَ العُملة ولوحاتِ الإشهارِ
وهي تُهدي بهجَتها
لأطفالٍ خُدَّجٍ
ترَبَّوا في ظلِّ برتقالٍ
لم يَطْعَموه قَطّ..
***
لا شكَّ عندي
أنَّ الخاليَ منْ دِماغي
مَشاعٌ..
للحَفّاراتِ والكوابيس
لذا
قررت أن أزرع
ماتحته
شِعرا..
وأكتبَ وصيَّتي للمَطر
ألا يتوقَّفَ عنْ ثَرثَرتِه
حتى إغْماضَتي الأخيرة
***
لا شكَّ عندي
أنَّ ظُنوني الصَّغيرةَ
ليسَتْ احتِمالاتٍ
ولا أفكارا مُحَنَّطةً
عنِ اللَّيلِ
والعُبورِ
والهُوِيَّةِ
أنا المُخَضَّبَةُ بالصُّراخِ
حَنْجَرتي
موَّالٌ أطلسِيٌّ
لا يَنْضبُ..
امينة الغتامي/المغرب
تلك الظنون ...مجازا جعلتها الشاعرة صغيرة ، وان كانت في الحقيقة وقائع كبيرة لو اردنا قلب منطق الاشياء كما اوحت بذلك قراءة النص كاملا.
.إن الشاعرة أمينة الغتامي تستبطن مرارات كثيرة أعلنت عنها منذ البداية من خلال " وأنا أجمّل بشاعة كوابيسي "..إن الشاعرة لا تعيش الحلم ، بل تعيش كوابيس بشعة ، لكن املها في الغد ، تفاؤلها يجعلانها تمني النفس بالجميل وهي " تروّض" جسدها على احترام قانون المنع ( الاشارات الحمراء)..إن مؤشرات الواقع الموحية بالبشاعة ما يجعل الشاعرة تعدّ جسدها للمواجهة ، الجسد كواجهة ، فيما الروح تستبطن الكثير من الوجع الذي يحبل به الواقع ، فحتى صحوها لم يكن من نوم ،بل من "ضحك حامض "لا يعكس روح الرؤى الكاذبة التي تروّج لها " أسواق العملة ولوحات الاشهار " فالجرح كبير مادامت ولادة الاطفال لم تكتمل ، فهؤلاء " الخُذّج" يعيشون الحلم المفترض "عن برتقال لم يطعموه قط "..
إن الشاعرة تراهن على الشعر كبديل لحياة لا تستقيم ، فإذا كان الجسد قد جعلته متراسا لمواجهة هذه الفضاعات ، فإن الروح تبقى منذورة لدرء هذا القبح بواسطة الشعر ،تقول الشاعرة :
لاشك عندي
ان الخالي من دماغي
مشاع..
للحفارات والكوابيس
لذا
قررت ان ازرع
ما تحته شعرا
إن الشاعرة برغم هذا التأسي وهذه المرارات والكوابيس ( كلمة تكررت مرتين) لازالت تحتفظ بكمية هائلة من الامل ،الذي يبدو "المطر" معادلا موضوعيا له ،تقول الشاعرة ..
"واكتب وصيتي للمطر
ألا يتوقف عن ترثرته
حتى إغماضتي الاخيرة
إن ظنون الشاعرة ليست صغيرة ،ليست احتمالات ، إنها واقع ، يقين عن جرح اضحى "موّال أطلسيا لا ينضب " لقد أوهمتنا الشاعرة بظنونها الصغيرة لتعلن في نهاية النص أنها يقينيات كبيرة عن واقع متردّ..
لعل الخوض في نصوص من هذا النوع ، بهذه الكثافة اللغوية والايحاءات الشعرية لا يمكن ان تدعي اية قراءة الاحاطة بابعادها وانما فقط مقاربتها النسبية في جوانب طاغية تفرض نفسها دلاليا على القارئ/الناقد ...

0 التعليقات: