المسؤولة عن المجلة سلمى إبراهيم

الأربعاء، 28 مارس 2018

ذِكْراكِ في الغيْثِ/الشاعر الحضري محمودي/ تونس



ذِكْراكِ في الغيْثِ
ذكْرَاكِ مُمْطِرَةٌ أيَا أخْتَ الظّبَا
في البالِ قدْ نُقِِشتْ بحَرْفٍ ذُهِّبَا
ها قدْ أتى غيْثٌ بِروْنقِ هطْلهِ
مُتموْسِقًا رقصَتْ لهُ نُسُمُ الصَّبَا
فرِحٌ انا بهُطُولهِ مُتفائلٌ
من بعْدِ جدْبٍ طاحنٍ شَلَّ الرُّبَى
في صوْتهِ أنْشُودةٌ بدَويّةٍ
عادتْ بذكْرَاها إلى عهْدِ الصِّبَا
كنَّا نُراقِصُها كَجِدْيانٍ ولمْ
نهْتَمَّ بالوَحلِ الذي قدْ خضَّبَا
ورشَاقَةُ الصبْيانِ مجْدٌ تَالِدٌ
ياليْتَ دامَ ولمْ يدعْ لي ملْعَبا
مَطرٌ يروّي الحقلَ من ظمإٍ لهُ
كان الثّرى مثْلَ المَشُوقِ مُعذَّبَا
مُتَشَقِّقًا وجِراحهُ مفْتوحةٌ
لاشيْءَ غيْرَ الصَّيْبِ عاد َو طبَّبَا
مثْلي تمامًا يا حبِيبةَ خاطرِي
والشّوْقُ يفْعلُ والمتيّم قد كَبا
والوَصْلُ مثْلُ الغيْثِ يرْفعُ همّةً
والأرضُ كالصبِّ المحرّقِ إذْ صبَا
إني ذكرْتُكِ والدموعُ غزيرةٌ
كالنّوْءِ والخدُّ ارْتوَى و تَصبَّبا
واخْضلَّ ذقْني كالذي قد شُفْتهِ
يوْمَ التقيْنا والفَضَا قد ضَبّبَا
يوْم التَقيْنا في المَحطَّةِ صُدْفةً
وقِطارُنا لم يَأْتِ حتّى نرْكبَا
وتهاطلَ المطرُ المفاجِئُ مانِحًا
لي فرْصةً وكأنَّه قدْ رتّبَا
ناديْتِ هيَّا نقْتَسمْ مَطريّةً
فأتيْتُ كالعُصْفُور يبْغي المُخْتَبا
وسمعْتُ صوْتكِ بالحَنانِ منغَّمًا
كاللّحْنِ في أذُني رَقَا مُسْتعْذَبا
وشممْتُ عطْركِ- يا لغبْطةَ خافقِي-
مُتضوّعًا ،رُوحي اجْتَبتْهُ الأطْيَبَا
ورأيتُنِي في بُؤْبُؤَيْكِ مُصوَّرًا
في هيْأة المسْحُورِ أبْهتُ معْجَبا
وتألُّقٌ في الذّاتِ أوْمضَ فجْأةً
كالبرْقِ بشّرَ في المرابعِ مُجْدبَا
في سرْعةٍ قدْ خطَّ بيتَ قصيدهِ
في مُوجزِ الحرْفيْن حاءً ثمَّ بَا
في الصّدْرِ حاءٌ حنْحَنتْ إذْ عانقَتْ
عجُزًا بِبَاءٍ لِلْـبَهاءِ تَوثَّبا
وسَمِعْتُ نبْضَ القلْبِ بايَعَ طائِعًا
كالعُودِ دغْدغَهُ المُلَحِّنُ مُسْهِبَا
نبْضًا كدنْدنَةٍ بِلَحْنٍ رائِعٍ
يخْتالُ مابيْنَ الجوَانِحِ مُطْرِبَا
و وَددْتُ لوْ لم ينْتَهِ الغيْثُ الذي
أهْدَى تَعارُفَنا الذي قدْ أخْصَبَا
ووجدْتُ بوْصلةَ الفُؤادِ تَمغْنطتْ
وعرفْتُ منْ أوْحتْ لَها المُسْتقْطَبَا
لازِلْتُ أذْكرُ يا حبِيبَةُ مشْهدًا
في البالِ منقوشًا ولا لن يُذْهَبا
والقلْبُ رغْمَ البُعْدِ يبْقَى عاشِقًا
والشّوْقُ بالذِّكْرَى ارْتَقَى وتلَهّبَا
لا تقْلَقِي فكَمَا الْتقَيْنا نلْتَقِي
والوَصْلُ إنْ وَعَدَ الهوَى ماخيَّبَا
والحُبُّ كالحقْلِ الذي إنْ أمطرَتْ
أَحْيَتْ رَمِيمَ بُذُورِهِ فاعْشَوْشَبَا
الحضري محمودي 2018 /3/27

0 التعليقات: