فالشَّرقُ فيه الرّوح تسكن عندها
وأنا بقيت بمغْربي متغرِّبا
أقْضي لياليَّ التي لم تسْتنرْ
لغيابِ وجْه البدْرِ سجْنًا مرْعِبا
متأرّقًا متمزّقًا ومشتَّتا
متحرّقا فوق اللظى متقلّبا
سهْدٌ يسامرني وينهش راحتي
وغَدًا أراني في كسادٍ متْعَبا
والشَّوْقُ يفعل في الأحبّة فِعلَهُ
والشِّعْرُ ينْجِدهم إذا أخذ الصِّبا
جُدْ بالمليح من القصائدِ عنْوةً
تحْيي الرّميمَ إذا لمعشوقٍ صَبا
داعبْ لها الإحساسَ ضمْنَ تغزّلٍ
فخفيفُهُ من بلْسمٍ يشْفي الظِّبا
غازلْ وخفّفْ حمْلَها بترنّمٍ
فجمالُها الأخّاذُ زلْزلَ مَنْ أبَى
فالغيد يعشقْنَ التغزّلَ خفْيةً
عن عاذلٍ يزْهُو إذا حبٌّ كَبا
واجعلْ لها بين السطورِ أَمارةً
لإِمارةٍ سلطانُ حُبِّي نَصّبا
خصّصْ لها الألفاظ حسب مزاجها
تطفي لهيبًا قد عتا فاستصعبا
تهتزّ إن علمتْ بمقْصدِ لفظةٍ
حكْرًا عليها شاعرٌ قد قرَّبا
تجْتثُّ منها آهةً حرّاقةً
من حَرِّ شوقٍ في الحشاشةِ ألْهبا
تبْكي لها بالدمع ينْزلُ صامتًا
ترْوِي به ورْدًا بوجْنٍ قد سبَا
فيهبُّ منه العطرُ ينْعش مهجة
يزْري بزهرٍ فاحَ في عزِّ الرُّبَى
ويزيلُ منْ عيْنِ الأميرةِ غيْمةً
لِيشعَّ بؤبؤها الذي قد ضبَّبا
فيقومَ مِرْوَدها بخطِّ صبابةٍ
بين الرّموش محاذرًا أن يُعْطِبا
متجوّلاً بضفافِ خيْرِ بحيرةٍ
من فوْقها صحْوٌ بلوْنٍ خضَّبا
فالكحْل يا شعري يدجّجُ مقلةً
بالسّحر سهْما لم يتُهْ إنْ صُوِّبا
من معْجمي يستخْرجُ اللفظ الذي
يشْكو إصابةَ عاشقٍ قد عُذِّبا
يا شعر عبّرْ بالكلامِ مرصّعًا
كالتّاج توّجَ شَعْرَها المتذهّبا
وارسمْ على عذْبِ المقبَّلِ بسْمةً
تفترُّ عن عقْدٍ جميلٍ أعْجبا
في فلْجةٍ بين اللآلئِ شعْشعتْ
واللهُ أبدعَ في الجمالِ وأطْنَبا
لأَِميرتي عند التّبسُّمِ روْعةٌ
ماجاد بالمثْلِ الزّمانُ وما حَبَا
يا شعر طمْئنْ قلبها الحاني الذي
ماكنتُ يومًا قاصدًا أن أُغْضِبا
أخبر بأنّ البُعْدَ يضْني مهْجتي
ورهيفَ إحساسي طغَى بلغَ الزُّبَى
حالَ الذي في بُعْدِِه كمْ غصّة
من خلْفِ موج البحر تهْدرُ مُسْهَبا
الحضري محمودي 2018 /1/19