المسؤولة عن المجلة سلمى إبراهيم

الأربعاء، 31 يناير 2018

أديم الروح / لمى سلمان المتني/ سوريا


أديم الروح 

...............
تنتشلني ذاكرتي 
المثقوبة 
من غمرة غيابك 
المشؤوم ...
غاسلةً سحابة البعد
بماء السلوى ..
يصبح النسيان أصيلاً
كفسحة الفجر
في عروق السماء ...
مختبئاً
عند محطة البزوغ
قصيّة الهواجس ..
.......
تزفرني نبضاتكَ
لحناً غربيّ الرقصات ...
موسيقا كهلة
من مغارب الزمان ..
تتمهّرني على غفلة
نسيجاً صوفيّ الملامح
في أديم الروح ..
عشقاً بازلتيّاً
أزليّ الشجن...
فأينعُ طفلةً
على كتف لقاءك ..
يحيطني الدفء
من هدنة العبير
بين مقلتيك ...
......
هاتِ أناملَ القمر ...
ومرّر ندى الليلك
على عشقي...
ليزهرُ عبق حبّك
على شجرتي
الصاخبة بأنفاسك ..
انتشلني
من رمل اليأس
مبعداً أسواط الألم
عن ثرى قلبي السوسني ....
.....
أستأثرُ
بهسيس همساتك
المعلّقة
على ساتر مُزني ..
ذكرى من منابت
حريتي فيك ....
أصحو
مزمزمةَ الجفن على محيّاك ..
فلا يختلي
الغيابُ بكَ
من جديد ...
....... لمى سلمان  المتني .....

إيقـــــاعُ المطَـــــــرْ ... / بقلم أحمد القيسي


إيقـــــاعُ المطَـــــــرْ ... 

**** **** ****
تَبَسَّمتْ حبيبتـــي 
ما أجمل المطــــرْ .. 
و قهقهـتْ بــراءَةً 
كَفِلقـَــةِ القَمَــــرْ
ما أعذب المطـرْ ..
يراقصُ الشُّموسَ
و الأعشابَ و الشَجــرْ
و أيّ روح إيّ حِـسٍّ
يورق المطــرْ ..؟
كرفرف الحنينٍ
و نشوة اختــلاجٍ
يُسافــرْ المطـــــرْ ..؟
و هامساً مشاعــــراً
معزوفـةً وتـــــــرْ
و دونمــا امتنــانٍ
يرتّــلُ المطـــــــرْ
ما أروع المطر ..
ما أبـرأَ المطـــــــرْ
إذْ يهرعُ الأطفــالُ
و يغرقُ الإحساسُ
في ربابة الخـــدرْ
مذاقُهـــــا الحنيــن ُ
و التهــويم و النخيــل
و غربة السيّابِ في كآبةِ القـَــدرْ
ما أسلسَ المطَـــرْ
مقــوَّساً مقــــزَّحاً
في لوحةٍ رشيقة بأعـذبِ الصُّـوَرْ
ما أسعــدَ المطـــرْ
إذ يغسل الأشجـارَ
و الأرواح و السَّحَـــرْ
رشيقةٌ حـروفها وتشبه المطـــرْ
روائعٌ أناسُنا
كبهجــة المطـــــرْ
كدهشـــة المطــــــــــرْ
تميسُ في انتمـــــائها
للحــبّ تنتصــرْ
يا أيّهـــــا الإنســــــانُ
يا قلعــة الأحـــــزانْ
يا سَـــــورةَ النسيانْ
يا ايها المشحُون بالغــرور و الكِبَـــرْ
متــى سنعتَبِــــــــرْ
أسطـورةُ المطـــــرْ
في أصدقِ العِبَــــــــرْ
رسالـةُ السّمــاءِ ...
تـذوبُ في ترابنا
ليـُـورِق البشــــــــرْ
.
*** *** *** ***

أحمد  القيسي 

L’image contient peut-être : 1 personne, debout, enfant, ciel, plein air et nature

السبت، 27 يناير 2018

خيال الصبر /حسن بن الزاوية/المغرب

L’image contient peut-être : 1 personne, selfie, gros plan et plein air

خيال الصبر...
يراودني الصبر عن نفسي
فأستجيب
و هل في مكنتي غير ذلك ؟
يقد قميصي من خلف
و من دبر
كأنني يوسف في الحرملك
إذا ما سيارة المنى انتشلتني
لحيظات
يبيعني اليأس عمرا في المهالك
و يشتريني الهم عبدا
بأبخس اﻷثمان
و لست بيوسف
لتشتريه بحر مالك
إذا ما انقضى ليل الورى
و عذب أحلامهم
بدا نهاري كليل حالك
رميت و أحلامي من شاهق
و قد كنت نسرا
بلا الجو و اختبر المسالك
إذا ما النسر صار أعمى
كسيحا
فخير منه الحزين مالك
و موته عين رحمته
و بعض عزائه
أليس كذلك ؟
فما يجديه صبر على السفح
و فوقه الجو مغر ؟
فراش محلق
و ذاك النسر هالك !
أيا صبر ، راودني ما استطعت
فما حيلتي
أمام طول حبالك ؟
و طوقني كما فعلت بأيوب
فما جدوى خيالي
إذا جردتني من خيالك ؟
و للصبر أجنحة بطول عمري
سأركبها
عساني أسمو
على كبد الحوالك .
ح - خ ( ابن الزاوية )

الخميس، 25 يناير 2018

مذكرات لاجئ.../فارس بن جدو / الجزائر

مذكرات لاجئ...
قلْ للسهاد و قدْ تخيَّره العزا
ما ذنبُ طفلٍ قال شعراً مرتجلْ

ما ذنبُ طفلٍ لا يزالُ مداعباً
خصلَ التراب على البساط المكتحلْ

أوَ لمْ يقلُ- ريبَ المنون- مناديا
أميِّ فثارَ الدمع من وقْعِ الجملْ

يا أمّتا غدرَ الزمان و إنَّما
همْ هيَّجوهُ فثارَ ظُلْماً لا وجلْ

إنّي اعتزلتْ الياسمين فردَّني
ثوبُ الأمومةِ عنْ قرارِ المعتزَلْ

و وقفتُ في الساحات أشكو كربتي
ما زلتُ أبكي في الوهاد و لمْ أزلْ

و نظرتُ حولي أمُّةٌ تغتالُني
نظراتهُم وسط العبابِ المرتحلْ

لا ذنبَ لي إلا حمولةُ راحلٍ
ترك الأذيَّة قاصداً نهرَ الأملْ

لا أرضَ لي في حضنها أبكي النوى
إلا التي أحيَتْ فؤاديَ بالمثَلْ

فتركتُها ..خوفاً..و لستُ بخائفٍ
إنَّ المخافةَ ليسَ يشكرها الأجلْ

قدري هنالك أن أزمَّ حقائبي
و مسافري تركَ الدموع و ما قفَلْ

فارس  بن  جدو 


L’image contient peut-être : 1 personne, gros plan et intérieur

الأربعاء، 24 يناير 2018

وطالك مسٌ منِّي/ميرفت أبو حمزة /سوريا


وطالك مسٌ منِّي
..........................
كفاك تأخذني منِّي
إلى شمسِ الغروبِ
يجتاحُني بردُ المشاعرِ
كلَّما شكَّلتَني
ضباباً على نوافذكَ المقفلةِ
بوجهِ شروقي..
كرهتكَ..
أمس والآن أكثر...
أدمنتُ البعدَ .. لا تأتِ
لا تَصْلُحُ النَّار ياسيِّدي
لامرأةٍ مِنْ جَليد
قلبي توقَّفَ تَوقهُ لحرارةِ العناقِ
للانصهارِ في براكينِ الرغبةِ ...
دمعي حقولٌ نازحة وشتاؤكَ طويلٌ ،
ألقى بغيمِ الكونِ بيني وبينك...
لا نهاية تكتبني معك
ليورقَ الرَّبيعُ و تَنْتَهي منِّي
ولا حزني يستفيق
على صدركَ المسكون بالضحكات
........................
ما زالَ المطرُ
على شرفاتِ الليلِ يغويني
يشاركُ شرودي
فأنغمسُ فيكَ أكثر
آاااه تقتلني... تَرَفَّق
خُذْ غِمَار القُبَلِ عَنْ شَفَتي
وارحَلْ على مهلٍ
ليهرَع خَلفكَ صَوتي
على عرباتِ البوحِ
تكتبني لهفتي لكانونِ عينيك
قصائد وحروفاً
تقلِّبُ كُفوفَ اللقاءاتِ المتجمدةِ
ثمَّ تمضي كريح شريدة
تضربُ صدرها في كلِّ مكانٍ
كي تنسى...
قهقهة عطركَ على عنقِ اليمامِ..
..........................
أتنسى.. كَم مرَّة قتلتَني ! ؟
تغيبُ عنِّي قاصداً
يحرقني جمرُ الظُّنونِ
فألعنُ عِفَّتي وتصوُّفي
عندما كُنتُ بينَ يديك
عندما هَربتُ مِنكَ إليك
كطائر فرَّ خائفاً...
والتجأَ إلى كَتِفيك...
كُنتَ تحضِّر لعنةَ الأقطابِ لجلبي
لكرنفالاتِ التماثيلِ
المنحوتة بإزميلكَ الآثم
كم جمعتَ حولكَ من نساءٍ ؟!
كم قلباً تحطَّم فوق صخركَ
أوَّااااهُ لَو تدري
سماويةٌ كنتُ في مداراتِ المشيئةِ وبَعد
بنتُ نورِ الكِنايات
صدري يَخُبُّ اشتياقاً وعنبر
فكيف لم تدركني
يا صاحبَ السِّحر !! ؟؟
قبلَ أن يطالكَ مسٌ منِّي
فلا أنا أذوبُ ولا أنتَ تتحجَّر.
ميرفت أبوحمزة 

أن تكوني أمّا.../أسمهان الحلواني/سوريا

أن تكوني أمّا...
يعني....
أن تكوني سيدة المرايا
و أمام كل فضة ...
سحابة و ماء
أن تجيدي التمثيل و التخييل و الأضواء
أن تقنعي الطفل منك بأنك
من وَقعت من نجمة بعيدة
و ارتضت الأرض
تناسخ الأرواح
و تنفس الصباح
من أجل أن تمضي كل ليلة بقربه
أن يكون جناحك مطويا
إلى خاصرة النخيل
و كلما عزّ الرطب
يخفق منك السعف
يهز العرش الجليل
و تدلفين بتمر الأغنيات
من كل حدب و ميل
أن تكوني أمّا ...
يعني ..أن تخلقي الأفراح
و بكفين مخضبين بالصور
تعيدين لوحة التشكيل
فتذرفين الدمع لونا
فوق طيات الخراب
و تقطرين من الرماد
مسكا
و تكوثرين الضباب
هو ذا حناؤك
يزخرف في السحاب
فتمسكين خيوط الشمس
تغرزينها في قميص الفجر
تزررين أيقونات النهار
في عروة القدر
و تطرزين آيات العبق
في ياقة الأحداث
كلما هزت الريح غبارها
فاح الهيولى في الهواء المستهام
أن تكوني أمّا
يعني....أن يكون حضنك باتساع أقاصي القهر
و حزن الدهر
أن يكون منك الصدر
وطنا و منفى
و بعينيك تستدير
كوكبات المدى و تطلق الرصاص
إذا ما راود طفلك رهبة الإحساس
أن تكوني أما
يعني ...أن تحترفي التقبيل
فطفلك الأكبر من ارتضى ميتة صغرى بين ضفتين من نار
و أنفاس صهيل
نهر عذوبة و ارتواء
تعودين منه كل مرة
بتول .....و عذراء
و تكونين أما
أسمهان الحلواني
الرسم بريشتي
غواش على كانسون
L’image contient peut-être : une personne ou plus

(مفاتيح أريناس الكونية): مطالعة في نص الاديبة نائلة طاهر:(ح1)../بقلم الأديب غازي أبوطبيخ /آفاق نقدية



(مفاتيح أريناس الكونية):
مطالعة في نص الاديبة نائلة طاهر:(ح1)...
*

المفتاح الاول:
.................
ماذا تعني مفردة( اريناس)?
وللاجابةنقول :انهاباختصار 
لفظة أمازيغية تونسية قديمة بمعنى(الزهرة)..
وهي رمز اصيل يعتز به الشعب التونسي للتعبير مجازا عن الارض والعرض بل عن تونس الأم ولكنها في حقيقتها واحد من اكثر اسماء المرأة قدما وجمالا واصالة في ذات الوقت..
حتى اننا حين نبحث عن معناه نراه واعني اسم اريناس شديد الالتصاق باسم واحدة من اكثر النساء خلودا ومجدا في الذاكرة الجمعية للشعب التونسي ونعني بها ( ديهيا) الملكة الامازيغية التي يتحدث عنها مؤسس علم الاجتماع الكبير ابن خلدون المغربي بكل احترام وتوقير برغم محاولات التشويش عليها..فقد اشار بكل وضوح الى انها وحدت تونس والجزائر وليبيا في مملكة واحدة بعد وقوفها الشهير في وجه اول غزوة يقودها حسان بن النعمان في عهد عبد الملك بن مروان..وقد بقيت تدير شؤون هذه المملكة بحزم وقوة حتى اتهمها الكثيرون باستخدام السحر في مواجهاتها مع اعداءها لتفسير شجاعتها وانتصاراتها او لربما لتفسير هزيمتهم امامها..
لكن ما الذي ينفعنا مثل هذا المبحث التاريخي السوسيولوجي في قراءتنا لقصيدة شاعرتنا الفاضله..
ان الذي ينفعنا هو ان اسم هذه الزهرة التي تقرب من القداسة عند سكان تونس الاصليين لايطلق على الانثى وحسب ،وانما يطلق على هذا المستوى من النساء العظيمات كرمز للمراة الجليلة القدر ،بدليل انه اسم حقيقي لأحدى ملكات الشعب ( الامازيغي) الاكثر قدما.. اذن ماذا ارادت شاعرتنا ان تقول ? بحسب تصورنا انها كانت تريد ان تعطي للمرأة محليا وعالميا حقها بالمبادرة ودورها في الحضور على مستوى الحياة الخاصة والعامة..
ولقد توجهت بالسؤال الى اكاديمي تونسي مؤرخ واديب معا عن رأيه بهذا الرمز الدلالي المتسع فأجاب قائلاً:
(أريناس زهرة جذورها في الارض 
أريناس هي العرض 
الهوية التي وان تعاقبت الأجناس والحضارات تظل هي الاولى بدلالتها على المراة المثال،ومعلوم بان 
الانثى هي الحياة عامة ومادام الصراع شاقا على الانسان عامة فيما بينه وبين الحياة ولكن على وجه التخصيص فإن الانثى وطن تسلب هويته الان خاصة قبل الارض،باشكال متعدده،ومع ذلك فإن المراة تطل على الشرق بعين الحب فلا ترى الا ظلاما ،وكانه ظلام مقدر سلفا..)..
ولابد والحال هذه ان تفز امامنا اسئلة شتى..
من طرف اخر ،فإن 
أريناس انثى لا يحركها الا الحب الكوني الذي ينهمر من قلب عاشق تعلق بالوجود عامة فلا يرى الا سحره المدهش.. فهي تترك وشمها في روح الكون نفسه ذاك الكون الذي لم ننل منه الا العتمة..وبالاجمال فان قصيدة شاعرتنا تنطوي على ان 
أريناس قصة خلاص خارطة سير الى السماء تعود بنا الى الارض مطرا غزيرا يحيي ما مات .
بالاخر..وهذا الكلام للشاعرة نفسها (إن الانثى هي ربة هذا العالم بعد الاله لانها هي فقط تحمل عنه رسالة الخليقة) وقد يبدو هذا الكلام في ظاهره مبالغا فيه، ولكن الانثى كما نعلم واجهة لعدة مسميات....
*
اعلم جيدا يا استاذة نائلة طاهر ان هذا النص صادر من عين الشعر الحقيقية الاكثر عمقا وجرأة،ولكنني اعلم ايضا انه يتطلع الى فعل ابداعي ذي افق كوني النزعة،غربي الاسلوب،حد الشعور بوجود انفاس اسلوبية بنائية لمجموعة شعراء اوربيين قد تم اختزالهم هنا برغم اشاراته وروحه الشرقية،كون شاعرتنا امرأة وكونها مكتنزة باحساس صوفي واضح جدا ،فروح الكاهنة( ديهيا) فيه ذات افق اشراقي واسع شامل يجمع اليه بين الخاص جدا والعام جدا في اطار كيان يتجاوز عادياته البشرية الى كينونة قادرة على ان ترى بطريقة هيولية وفي الاتجاهات الاربع..كيف نفترع كل شئ بدء منا فمحيطنا بكل ركامه لانجاز نوع من المخلوقات المعرفية العاليه..
( ايها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب اصابعي
واتني به
من اجنحة الغمام)
الدهشة بحسب تصوري تكمن في الحفاظ على الحس الادمي لكن وفق مخلوق انثوي ( سوبر) خارج عن المالوف...
(وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الانبياء
أختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرته الملائكة
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت)..
والدهشة من طرف اخر تصنعها قدرة هذا المخلوق الابداعي على استيعاب الحدث الواقعي المحيط لكن من منطلق الوعي بحركة التاريخ وليس مجرد تسجيله :
(وكأي رجل 
اهلكته الحروب
هو لن يقبل باية معاهدة للسلام
لن يقايض باسمها 
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الاخير)
من هنا ليس امامنا لاختراق هذا النص الملتحف او الملثم كما عبر عن ذاته غير ثلاثة مفاتيح وفرتها لنا الشاعرة ذات الوعي النقدي العميق لكونها تفهم قبل غيرها ضرورة وجود مثل هذه المفاتيح لهكذا حقل شعري ملغم بالدفائن السرانية البعيدة عن التناول المباشر..
* المفتاح الثاني:
.....................
ويكمن في البيت الشعري العمودي الذي صدرت به النص، ذلك لان العتبة الاولى لاتشي عن مفادها الا لمن يفهم الماوراء البربري لهذه المفردة ،فكلمة ( اريناس) التي تعني الزهرة مفتاح لا يمكن الافادة منه الا بعد فك طلسمه وقد فعلنا بما نراه كافيا ان شاء الله تعالى..
اذن فالبيت الشعري العمودي الذي صدرت به الشاعرة قصيدتها هو المفتاح الاقدر على الولوج كما نتصور:
(انت بعضي
وانت كل مرادي
ياحبيبا
انفاسه في مدادي)..
بيت شعري من الطراز الاول نسجا وبحر (الخفيف) عروضا ،والمناخ الصوفي جوا وشعورا واسلوباً،حتى اننا حين نحاول معرفة طبيعة عنصر الخطاب فقد تتسع الدائرة حتى تحتمل مخاطبة الرب سبحانه باعتباره الحبيب الاعظم والاوسع الذي بقي بهيا مأمولا لأنه لم يسهم في ما جرى على المراة كانثى من الاحوال التي اشرنا اليها آنفا.. 
*
يبقى السؤال المهم ترى:
مانوع الموضوعة التي سلطت مبدعتنا عليها الاضواء بحيث استدعت منها ان توزعها على هيئة بنى متعاقبة،بحيث تطل كل بنية على فكرة النص الاجمالية لكن من زاوية نظر تختلف عن الأخرى..وكأني بها قد اختارت ان تصنع بذلك متوالية من الأضواء الكاشفة عن الحقائق الجوانية للقصيدة في ناحية ولكاتبتها في لحظتها الشعرية الراهنة من ناحية اخرى..
فهل كان موضوع القصيدة وجدانيا محضا?
هل كان الوجدان سبيلا?!
هل كان قناعا?.. 
ومع كل ذلك ،مانوع هذا الوجدان ايضا? 
هل كان مرتبطا من بعيد او قريب برابعة العدوية بدلالة البيت الشعري العمودي مثلا..اسئلة كثيرة وكبيرة تحتاج الى فكفكة واجابات تنفعنا في رحلة البحث.. 
..................يتبع.....
نائلة طاهر :
~~~
( أريناس):
-------
تصدير :أنت بعضي 
وأنت كل مرادي 
يا حبيبا أنفاسه في مدادي 
~~~
النص:
•••••
كأي انثى
هوايتها عسل التشفي
تنسى ان تمر قريبا
هي فقط 
تهز ارجوحة الذاكرة
لتعزفها
اوتار شاعر حزين..
...
وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو..
لن يتقبل
باية معاهدة للسلام
لن يقايض 
بٱسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الأثير..
..
أيها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب أصابعي
واتني به
من أجنحة الغمام
..
وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الأنبياء
اختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرتْهُ الملائكةُ
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت
:
أيها الطائر الناري
اخشى عليك 
من قسوتي
من خديعة الغربان
من عيون الزيف
ومن لغتي الملثمة
فابتعد ...
ابتعد 
عن سحبي
واتركني لشانقي
هو يشهد احتضاري
ك غيمة تدلت من كفيه
فيروزة وَدق...
:
أريناس..
زهرة من اشتهى حَمَم الثلج 
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم
تزرعه قطاف قمر وأغنيات
ولا يرنّ اسمها في الضباب ...
أتراها حين تولي 
تترك الوشم منيرا
في ساحة صدرك المعتم .......
*****
وسنورد ادناه نص الشاعر الكبير لوركا ( اليد المستحيلة) ،كونه قد ورد في سياق نص الاديبة نائلة طاهر..نذكره هنا من اجل الاطلاع والربط لمن احب المتابعة ،مع التقدير..
*
اليدُ المستحيلة – لوركا
..................................
أنا لا أتمنّى غيرَ يدٍ،
يدٍ جريحةٍ، لو أمكنَ ذلك.
أنا لا أريدُ غيرَ يدٍ،
حتّى لوْ قضيتُ ألفَ ليلةٍ بلا مضجع.
ستكونُ زنبقًا شاحبًا من كلس،
ستكونُ حمامةً مربوطةً بقلبي،
ستكونُ حارسًا في ليلِ احتضاري،
يمنعُ بتاتًا القمرَ من الدّخول.
أنا لا أتمنّى شيئًا غيرَ هذهِ اليد،
للزّيوتِ اليوميّة، وشرشفِ احتضاريَ الأبيض.
أنا لا أريدُ غيرَ هذهِ اليد،
لتسندَ جناحًا من موتي.
كلُّ ما تبقّى يمرّ
تُوْرَدُ بلا اسمٍ، كوكبٌ أبديٌّ دائم.
كلُّ الباقي شيءٌ آخرُ مختلف: رياحٌ حزينةٌ
بينما تفرُّ الأوراقُ أسرابًا.
.......
الأديب والناقد غازي  أبوطبيخ 

السبت، 20 يناير 2018

بارض الشوق /الشاعرة هند سطايحي/سوريا

Aucun texte alternatif disponible.

بارض الشوق  

بارض الشوق تزرعني الاماني
فتزهو مهجتي في كل ان


انا بالحلم تغرقني حروفي
فأسكب خمرتي فوق الدنان


فأنت ثمالة للكاس منها 
يمر الصحو في ومض الثواني


وحلمي فيك ياحلمي الموشى
كاحلام المراكب بالمواني


احبك ماقرأت سواك سطرا
ولا غابت حروفك عن بناني


احبك في سنين العمر حتى

احبك في الدقائق والثواني

احبك في السماء وماتلاها
وفي العرش المسيج بالجمان


كان الشعر صوتك حين يزهو
على اوتار قافيتي اتاني


سيكتبك المساء نشيد حب
يسرح شعر خصلات الاغاني


ويرحل بالنشيد صدى مندى
ليشهد في مراسمه قراني

  

هند سطايحي 

الجمعة، 19 يناير 2018

يا شعْرُ زُرْهَا/الحضري محمودي/تونس



يا شعْرُ زُرْهَا
يا شعْرُ جُدْ لحبيبتي بالمجْتَبَى
من رائع الألفاظ إن هبّتْ صَبا
فالشَّرقُ فيه الرّوح تسكن عندها
وأنا بقيت بمغْربي متغرِّبا
أقْضي لياليَّ التي لم تسْتنرْ
لغيابِ وجْه البدْرِ سجْنًا مرْعِبا
متأرّقًا متمزّقًا ومشتَّتا
متحرّقا فوق اللظى متقلّبا
سهْدٌ يسامرني وينهش راحتي
وغَدًا أراني في كسادٍ متْعَبا
والشَّوْقُ يفعل في الأحبّة فِعلَهُ
والشِّعْرُ ينْجِدهم إذا أخذ الصِّبا
جُدْ بالمليح من القصائدِ عنْوةً
تحْيي الرّميمَ إذا لمعشوقٍ صَبا
داعبْ لها الإحساسَ ضمْنَ تغزّلٍ
فخفيفُهُ من بلْسمٍ يشْفي الظِّبا
غازلْ وخفّفْ حمْلَها بترنّمٍ
فجمالُها الأخّاذُ زلْزلَ مَنْ أبَى
فالغيد يعشقْنَ التغزّلَ خفْيةً
عن عاذلٍ يزْهُو إذا حبٌّ كَبا
واجعلْ لها بين السطورِ أَمارةً
لإِمارةٍ سلطانُ حُبِّي نَصّبا
خصّصْ لها الألفاظ حسب مزاجها
تطفي لهيبًا قد عتا فاستصعبا
تهتزّ إن علمتْ بمقْصدِ لفظةٍ
حكْرًا عليها شاعرٌ قد قرَّبا
تجْتثُّ منها آهةً حرّاقةً
من حَرِّ شوقٍ في الحشاشةِ ألْهبا
تبْكي لها بالدمع ينْزلُ صامتًا 
ترْوِي به ورْدًا بوجْنٍ قد سبَا
فيهبُّ منه العطرُ ينْعش مهجة
يزْري بزهرٍ فاحَ في عزِّ الرُّبَى
ويزيلُ منْ عيْنِ الأميرةِ غيْمةً
لِيشعَّ بؤبؤها الذي قد ضبَّبا
فيقومَ مِرْوَدها بخطِّ صبابةٍ
بين الرّموش محاذرًا أن يُعْطِبا
متجوّلاً بضفافِ خيْرِ بحيرةٍ
من فوْقها صحْوٌ بلوْنٍ خضَّبا
فالكحْل يا شعري يدجّجُ مقلةً
بالسّحر سهْما لم يتُهْ إنْ صُوِّبا
من معْجمي يستخْرجُ اللفظ الذي
يشْكو إصابةَ عاشقٍ قد عُذِّبا
يا شعر عبّرْ بالكلامِ مرصّعًا
كالتّاج توّجَ شَعْرَها المتذهّبا
وارسمْ على عذْبِ المقبَّلِ بسْمةً
تفترُّ عن عقْدٍ جميلٍ أعْجبا
في فلْجةٍ بين اللآلئِ شعْشعتْ
واللهُ أبدعَ في الجمالِ وأطْنَبا
لأَِميرتي عند التّبسُّمِ روْعةٌ
ماجاد بالمثْلِ الزّمانُ وما حَبَا
يا شعر طمْئنْ قلبها الحاني الذي
ماكنتُ يومًا قاصدًا أن أُغْضِبا
أخبر بأنّ البُعْدَ يضْني مهْجتي
ورهيفَ إحساسي طغَى بلغَ الزُّبَى
حالَ الذي في بُعْدِِه كمْ غصّة
من خلْفِ موج البحر تهْدرُ مُسْهَبا
الحضري محمودي 2018 /1/19

...خنجر الضوء .../عدنان بصل / سوريا


...خنجر الضوء ...
كلما لامس الغيم
المشحون...
بحسرة فراق البحر 
نسيم أوراق صفصاف
تعمد ببرودة الضفاف
يندلعُ البرق
صعقة لذيذة
تنبثق من عمقها
آيات المطر
تروي بيداءَ
شهقت بسكرة حلم
طال جفافه
واحترق داخل سور هدبها
بياض المدى
ها أنتَ تمدُ خيالاتٍ
تعيد تشكيل لون الحبر
في دمك المطعون
ترصع ضلع الخفق
بدرة الصدر الحنون
ترتق التشقق العميق
بفيض حلم نهر
على ضفاف الحكاية
ليغمرُ سريرَ البكاء
ملامساً أصابعك المشتعلة
في ثورة الصمتِ
حتى ترى السماء
شهيق رملك
كيف يملأ المحبرة
بآلاف الرؤى
ويعزف يراعها
ترانيم الإنطفاء
فواصل ونقاط أمان
أعقاب هذا؟
وتعود تسأل أيها المشطور
عن كنه روحك
عن لون عينك
عن جدوى حياتك
تفتش...
حتى بين أوراق الفناء
عبثاً...
تحاول تعديل الحروف
لتدخل الباب منحنياً
وعلى جبينك
وشم هالة السلام

عدنان بصل 
Adnan Basal
19/1/2018

عازف رحيل المجد/بقلم ســـحر زعترة / فلسطين

عازف رحيل المجد
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

عازف الناي
يجيد عزف الموت
على أوتار الفجيعة
ينفض الغبار عن
ثقوب الجرح
ويمضي،،
تارة يجول أزقة المدن
السوداء ،،
وتارة يزور الحقيقة
لا أحد يبكي هناك
لا أحد يجد السكينة
يعمّ الصمت في ديجور
الموت ،،
لا صوت يعلو فوق نباح
الكلاب النهمَة ،،
لأشلاء مازال فيها قلب
ينبض قدسية المكان ،،

وأنتم ،،
أنتم ،،،
مازلتم تكتبون الحب
على جدران الهزيمة ،،
تُشعلون الشموع في
ليلكم المكدس بخيبات
العروبة ،،
في أي نساء تقولون الحب
وأنتم تمارسون البغاء
خلف ليل الخضوع
بطولاتكم السوداء تلطخ
وجوهكم ،،
بالله عليكم ،،
كفّوا الحديث عن الحب
فأي عشق ذاك الذي
يصّب ناره على أشلاء
العذارى ،، ؟
أي عبودية للحب
تلك ،، ؟
وأنتم مازلتم عبيد
التقهقر ،،؟
كيف للحب أن يولد في
قصائدكم العصماء
دون أطراف
دون قلب
ومازالت روح النساء
تصرخ نزف الشرف
الذي عاقرته
لعنة الحروب
عازف الناي
قد عزف
رحيل المجد
ورحل
عن أعين الضباب
رحل
حين وجد الحزن أعمق
من ثقوب الجرح الغارق
في غيبوبة النخوة ،،،،،،،
ســـحر زعترة
L’image contient peut-être : une personne ou plus et plein air

على لسان الثرى/بقلم الشاعر فارس بن جدو / الجزائر


L’image contient peut-être : 1 personne, gros plan et intérieur

على لسان الثرى
أبي : قدْ كنتَ لي حصناً منيعَا
و جيشاً حينَ أطلبُ من يَقِيني

أنادي منْ بساحِ القبرِ مهلا
و قدْ جاوزتُ مقدارَ اليقينِ
فما ردَّ الجوابَ عليَّ ريحٌ
و لا نطقَ الدَّفينُ و لوْ لِحينِ
إذا رحلَ الحبيبُ فغسِّلوهُ
و نادواْ منْ يصيحُ على الدَّفينِ
و قولواْ للفتى سيعودُ يوماً
لتَخلفَهُ على صونِ الجبينِ
أباكَ أباكَ إنْ تلقاكَ شعْثٌ
منَ الدُّنيا على ظهرِ السَّفينِ
بساطةُ والدٍ يمشي قريراً
أحبُّ إلى الورى من غيرِ دينِ
و ضحكتُهُ كعزفِ النايِ بوحاً
يفتِّشُ في الهوى رغْمَ الأنينِ
فيحملُ قفَّةً بيدٍ تُغنِّي
و تهزجُ للرَّغيفِ منَ الحنينِ
و يجلسُ مثقلا بالهمِّ طوعاً
فيدعو دعوةَ القاضي الأمينِ
و حولَه خمسُ فتيانٍ حيارَى
يقلِّبُ بينهُمْ أحجارَ طينِ
يموتُ الوالدُ المقهورُ يوماً
فيغدو قصَّةَ الولدِ المُشينِ
و يمضي الفتيةُ الحمقى حيارى
كعهدهمُ إلى القبرِ اللعينِ
يعاتبُ بعضُهُم أقوالَ بعضٍ
و يحتكمُ المدانُ إلى المُدينِ
إذا تركَ الديارَ عريفُ قومٍ
فإنَّ القومَ في الدَّرَك المهينِ

بقلم  * فارس بن جدو*
( بحر الوافر )

الأربعاء، 17 يناير 2018

نداءٌ جاف / محمود البسيوني/فلسطين

نداءٌ جاف
شتاءٌ في مهب المواسم
يُسقط امطاره
كُلما تداعت سحابات للذاكرة
وغيمةُ العمر تحتشد وجعا
أيها الظل المُتواري خلف الغياب
أَحين أُعلن الغروب
تشتاقِ لشمسي والضياء
كُنتُ أُطعِمُك الفصول
وأَشربُ معك خريفا مصفر الرياح
وحين أكتب قصيدةً لا اذكرك فيها
تُهاجمين القوافل فوق الابيات

بين الانامل اوتار معلقةٌ
منذ عُزِفتْ قيثارة التحمل
فعَلِقَت أحبال الموسيقى
بِأصابع الهروب سمفونية للعتاب
من أسقط أوراق الحياة ؟!!
رجل زرع الشوك اسوارا للورد!
ام امرأة زينة الشوك بمياسم الورد؟
أكلما أخدتُ عهدا فارغ التمني
أَمتلىءُ بضحكات الفراغ
كيف اعتلي ترحال العودة !!
وقد خربت رمال الرحيل اثار الإياب
أَتذكُرينَ صفعة الموت
حين سقط جسدي فارغ الروح
وفي عينيك خوف أضاع البقاء
أَصبحتُ على الأرض أُشارك الذل
أسمعُ وَقْعَ أقدامُك والخذلان
أيها الجرحُ القابعُ في ذاكرتي
لا يسكن الحب في مخابئ الخواطر
ولا تبني الرجولة امرأةً من حجارة
عاهدتْ الطين أنها جفاف الوصال
صلصال هذا العشق في كينونتِ
وما اعتادت يداك زرع الاحلام
عقارب للخيبة
تعارك الوقت ببندول مبتور الساعات
يزج الثواني في دقائق الانتظار
يعجز عن المشي اليك
ويطول في عَدّ المسافات
لست من اخرس النداء
ومن اعمى البصيرة في الرجاء
فكيف تعبثين بمقلة صماء
تشقق جفنها حبسا للاوجاع
يا ويحك .. مطعون انا بسكينك
ومازلتِ تحركين جثةً بين يدي غيرك
انا المبتلُ بنزيفِ الخراب
لا يُعَمِّر الجسدُ نداء جاف
.....
محمود البسيوني
L’image contient peut-être : une personne ou plus et intérieur


الجمعة، 5 يناير 2018

أحبك سهواً بقلم الشاعرة لمى سلمان المتني /سوريا

أحبك سهواً
---------------
في عتمتي
التي اجتاحتني على حين غفوة ..
أحببتني مباغتةً
فاشعلت فيّ
حرائق مستترة من الفرح ..
لم يستوعبها
عقلي المنكفيء
في عزلة الكتب ..
وأنقاض الحروف المهددة بالرحيل
من ذاكرتي ..
......
أحبكَ
بداية لحياةٍ قَصيّة الحزن...
يغفو فيها مدمعي تاريخ محبرة..
أحبكَ حاضراً في صمتي .. ...
منغمساً في حناجري
دنان عندليب ..
.....
أمتطي جنون السفر
في ظلّكَ الوارف عشقاً..
وصهيل حبكَ يداعبُ مسمعي ..
أطيرُ على أجنحتِكَ ..
هويّةَ حبٍّ سرمدي...
توقاً من ظلال الأمل .. ...
أمتشقُ أنفاسكَ ببراعةٍ..
واختلسُ النبض....
مستودعةً قلبي
في حجراتِ فؤادك ..
متماهياً سنبلة خضراء
على كنفِ خميلتك السوسنية .......
.....
اسقطْ زفراتَ البؤس عن كاهلي ..
فبِكَ ياحبيبي ..
أصبحَتْ حياتي فردوسَ لحن ..
إيقاعاً من أنداح الشوق ...
تُندي كثبان الحزن
من خاطري ....
فتتذاءبُ اضطرابا...
أهوى فيكَ كل تفاصيلي المجنونة ..
حتى انكفائي على ذاتي ...
انتظاراً لهمسات دافئة
من شفتيك .....
......
أحبكَ مرآةً لأحلامي ..
لا تتكسرْ
عند أول موجة نزاع ..
ترافق غربتي
...... لمى سلمان المتني...

L’image contient peut-être : fleur, plante et nature

الاثنين، 1 يناير 2018

الصدق الفني في الادب العربي/ أ.شاكر الخياط


الصدق الفني في الادب العربي ...

أ.شاكر الخياط

( الشعر) :
++++++
الادب الذي يشتمل على اكثر من فن ومجال للابداع يكون فيه التعبير صادقا عفويا يظهر دواخل المبدع، وفيه من الالزام كذلك ان يكون الادب في جانب او جوانب ( ربما اخضعته ظروف لسنا نعلم دوافعها لكنها كانت المحرك لهذا النوع من الادب دون وجود للظاهرة الابداعية التي يكللها الصدق الفني) ، وبين الصدق الفني والتعبير الالزامي او الاجباري فرق كبير وهو حالة الابداع التي ترافق العمل واي عمل كان، وما الصدق الفني في التعبير وخصوصا الشعر ( مبحثنا ) هنا الذي يتكشف للقاريء قبل الناقد الذي سيعرف ذلك مهما حاول الشاعر ان يضفي على نتاجه حالة تقربه من الابداع والظهور بالجمالية العليا للوصول الى اقناع القاريء ان النص جاء عفويا فرضته ظروف الابداع المتعددة، ولكن مهما حاول ( المدعي) ان يصور من تزويق مضاف للعمل بان عمله كان من الرقي انه اتى طواعيا دون تكلف فهذا سينكشف لاحقا لامور وعوامل كثيرة تتحكم في مديات الابداع الفني للشعر..
منذ فترة طويلة تستوقفني قصائد كبيرة واعمال رائعة لكبار الادباء والشعراء على وجه التحديد، تسترعي مني الانتباه وتناول تلك الاعمال بالدراسة، ومع تقدم الزمن وتراكم الكم الهائل من الخبرة لسنين العمر التي جاوزت حد الاطلاع فقط، استوقفتني اعمال فنية على صعيد الشعر كانت من البلاغة اللغوية ومن الحس الفني العالي ومن الدقة في اختيار المفردات مالايمكن ان اتجاهله او يمر على النقد والنقاد مرور الكرام، لكن ادباء وشعراء تلك الاعمال لم يكن لهم الكعب المعلى في ساحة الادب والشعر على وجه الخصوص، وقد مر بنا شعر كثير ومرت بنا قصائد كثيرة حفظناها وعرفناها لكن مبدعيها ظلوا مجهولين آنذاك ولربما كان السبب هو عدم توفر مايتوفر الان من وسائل تواصل فاقت بقدراتها كل التصورات، الامر الذي دعاني ان استغل هذه الوسائل بما ينفعنا جميعا بدءا بنفسي ثم الآخرين، فعثرت على ظالتي التي كانت تؤرقني الى اوقات ليست بالبعيدة قبل الثورة المعلوماتية التي غطت على اجوائنا بدايات القرن الواحد والعشرين، مقدمة لنا المكتبة المتنقلة والدواوين الجاهزة والنقود والدراسات والبحوث، اضافة الى دقة وصحة المعلومة في اغلب من ثمان وتسعين بالمائة من تلك المعلومات حسب تقديري المتواضع ..
هذا الموضوع الذي كنت ابحث عن حيثياته منذ زمن، اهدى لي وفرة الراحة من التعب المضني للذهاب الى المكتبات والتفتيش في ادراجها بحثا ربما على اسم معين او معلومة لاتتجاوز ربما جملة مثلما حصل معي في سنة 1999 حين احتجت الى معلومة اتعبتني وقتها لم اجدها في متناول اليد آنذاك مما اضطرني الى الذهاب الى محافظة ميسان في جنوب العراق وشد الرحال الى احدى القرى لكي التقي بالذي لديه كتاب معين كنت ابغي الحصول على معلومة معينة فيه كنت بحاجة اليها،،،
اليوم وبعد انتشار واسع للوسائل التي تعين الباحث اجدني ملزما بل بحكم ماعانيت منه مرارا ان اضع نفسي كذلك في خدمة المتابعين من شعراء ونقاد عن موضوع مميز ومهم في حدود دائرة النقد وربما في دائرة الاطلاع الفني المميز عن الاطلاع العام للقاريء...
وساحاول جهد امكاني ان احصر موضوعة الصدق الفني في اقصر شرح توفيرا لوقت القاريء، وحرصا منا على ان يكون مبدا النفع المتبادل بيننا قبل ان يتسرب الملل (اللعين) الذي بات يخيم على نفسيات وامزجة المطلعين والمتابعين... واضعا هذه الحروف امام انظار الجميع سائلا العلي القدير التوفيق لنا جميعا في مسعانا، طالبا وبكلمحبة من الاقلام ان تتشارك هنا في ( آفاق نقدية) ملتقى الادباء والشعراء على وجه الخصوص... في موضوعة الصدق الفني وكما يقول المعلم الاول ارسطو في مفهوم الثنائية ( المادة والصورة) 
" فالكون ( الحدوث أو الوجود ) ينتج عن تجوهر المادة بصورة ما يهبها واهب الصور ، والفساد والعدم ( الموت مثلاً) ينتج عن مفارقة الصورة للمادة . أي أن الوجود والعدم إنما ينتجان عن اقتران المادة بالصورة أو انفصالها عنها. وفي الأدب يهب الأديب للمادة صورة ما فيكون النص اللغة (مادة الأدب ) ، ويقترح للمعاني الشكل والبنية اللغوية التي تميّز النص الأدبي من سواه . وأدواته المتفق عليها في الشعر فتكون القصيدة ،
والصدق الفني الذي نحن بصدده هو ليس الصدق المجرد اي عكس الكذب في الامور الحياتية والشعرية، اطلاقا، انما الذي نريد من هذا التعبير ماذهبت اليه العرب قديما هو أن تكون الصورة الشعرية معبِّرة عن تجربة شعورية حقيقية، دخلت نفس الشاعر فازاح عنها الستار وكشف عنها الحجب فاعاد صياغة حقيقتها بحقيقة جديدة من خلق الشاعر نفسه، قد تكون الحقيقة المستجدة قريبة او مشابهة من محرك الحدث ام تكون بعيدة لاقرابة فيها من حقيقة الدافع الشعوري الاول، فالامر سيان لافرق بينهما، اذا التعبير الصادق الذي يحسه القارئ من خلال الشعر الذي صوره الشاعر على وفق ما رآه هو وليس على وفق مانريد رؤيته،، وما التفاعل معها الاحركة تساعد القاريء في إحداث التخييل المناسب، والذي يعبِّر بالصورة حدود عناصرها في الواقع العياني، ويمنحها التوافق مع حركات النفس الشعورية، وهذا ما عناه حسان بن ثابت بقوله :
وإنما الشعر لُبّ المرء يعرضه)
على المجالس إن كيسا وإن حمقا
وإنَّ أحسَنَ بيتٍ أَنتَ قائِلُهُ
بيتٌ يُقالُ إذا أنشدتَهُ: صَدَقا)
مما دفع بعض النقاد إلى أن يقول: "أفضل الشعر ما لم يحجبه عن القلب شيء" ،
وأن "أشعر الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه"، وهذا يعني أن أفضل الصور الشعرية هي التي تتمكن من النفس بحيث كأنها تعيش التجربة الشعورية التي أراد الشاعر نقلها من خلال الصورة. وابن طباطبا يوضح هذا حين يقول: "فإذا وافقت هذه المعاني هذه الحالات تضاعف حسن موقعها عند مستمعيها"، فإذا خلا التخييل من الصدق الفني كانت الإثارة باردة لا تحرك النفس مهما بذل الشاعر في تحسين الصور.
وهذا ما أشار إليه القاضي الجرجاني بقوله:
"قد يكون الشيء متقناً محكماً، ولا يكون حلواً مقبولاً. ويكون جيداً وثيقاً، وإن لم يكن لطيفاً رشيقاً".
ويُعد ابن طباطبا أول من تحدث بشكل واسع عن قضية (الصدق في الشعر)، حين ربط الشعر بالصدق من جوانب متعددة: الصدق في التشبيه، والصدق في المشاعر، والصدق في القصيدة. وهو يرى أن الصدق يكرِّم عنصر الشعر، ولذلك فهو يرى أن على الشاعر أن " يتعمد الصدق في تشبيهاته وحكاياته، وأن يستعمل المجاز الذي يقارب الحقيقة"
وقد اعجبني نص جميل للشاعر روح التميمي اضعه امامكم لكي نستأنس به 
( أن الشعر المؤثر يحكمه الصدق الانفعالي , والصدق الانفعالي أو الشعوري قد يكون واقعيا وقد يكون مفتعلا , وكلاهما في دنيا الأدب صدق ! ..وتفسير ذلك أن الشاعر عندما يعبر عن الوجدان ويغوص في أعماق الموقف يكون بين حالتين : فإما أن يكون غوصه نابعا من معاناة حقيقية تمده بالوقود الأدبي , من خلال تدافع الشحنات الوجدانية على شعوره وحواسه فينفعل بها ليشطر من خلال ذلك التفاعل ذرة الإبداع .. وهذا هو الصدق الواقعي ..وقد يتلبس حالة شعورية معينة , ويتقمص دورها الوجداني , فيعبر عن انفعالاتها .. وهذا هو الصدق الشعوري أو الانفعالي المفتعل . والتقمص وإن لم يكن محتواه وما يفرزه حقيقيا على مستوى الواقع , إلا أنه يوصف بالصدق إذا أجاد الشاعر الدخول في الحالة التي يعبر عنها , واستطاع أن يعبر عن مشاعرها .


....والشيء المؤكد أن الصدق الشعوري الانفعالي الواقعي أكثر مجالا للإبداع من الصدق الشعوري الانفعالي المفتعل , وقديما قالت العرب : ليست النائحة المستأجرة كالنائحة الثكلى ! لكن قد تكون قصيدة الصدق المفتعل أقوى من قصيدة الصدق الواقعي , والسبب يعود إلى قدرة الشاعر لا إلى تأثير الموقف وحقيقة التعبير .
ولعلكم تذكرون بيت البحتري الشهير الذي قاله احتجاجا على اندفاع الشعراء في عصره ـ وعلى رأسهم أبو تمام وابن الرومي طبعا ـ وراء الثقافة اليونانية التي راجت حينها بعد ترجمة كتب المنطق والفلسفة اليونانية , وتوظيف ذلك في الشعر .. حيث قال :
كلفتمونا حدود منطقكم ...... والشعر يغني عن صدقه كذبه !
والكذب الذي يقصده الشاعر ليس هو الكذب الذي يعمد إلى إخفاء الحقيقة .. بل هو الخيال الذي يصف حالة وموقفا نفسيا معينا دون أن يكون لذلك الموقف وتلك الحالة وجود في الواقع ..!
والشعراء المبدعون الذين أمتعونا بقصائدهم الخالدة عبر التاريخ ليس بالضرورة أن تكون قصائدهم وليدة حالة شعورية واقعية وهي ما نسميه بالمعاناة .. بل أغلبها ـ وفق ما أرى ـ جاء نتيجة تقمص ذلك الموقف أو تلك الحالة .
ومن هنا يتأكد أن الكلام مهما كان نوعه شعرا كان أم نثرا , لا يكون مؤثرا مالم يتصف بالصدق , والصدق كما أسلفت قد يكون واقعيا أو مفتعلا .. وقد قالت العرب : الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب , وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان..
الصدق ليس وحده المؤثر في النفوس وإن كان الأكثر تأثيرا ، الأدب فن , والفن بكل أشكاله مجال جميل منمق
تميل إليه النفوس وتتأثر بحلاوته الشكلية أو الداخلية، وصدق التعبير عن المشاعر أعمق تأثيرا من عذوبة الصور وإن كانت آسرة مدهشة هكذا أظن .. ويحضرني مثيلا لما ذكرته قصة الشاعر الأموي عبدالله بن قيس الرقيات "وسبب تسميته بالرقيات أنه شبّب بعدد من النساء ممن اسمهن رقية" فقد دخل على عبدالملك بن مروان وأنشده :
يأتلق التاج فوق مفرقه ... على جبين كأنه الذهب
فقال له عبد الملك : يا بن قيس , تمدحني بالتاج كأني من العجم وتقول في مصعب بن الزبير :
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
فأعطيته المدح بكشف الغمم وجلاء الظلم , ومدحتني بما لا فخر فيه، وهو اعتدال التاج على جبيني الذي هو كالذهب في النظارة .
وهذه النظرة النقدية من عبدالملك صحيحة , فقد كان مدح ابن الرقيات لمصعب مدحا أملته عقيدة الإعجاب والولاء وكان الشاعر معروفا بتشيعه، والتشيع في ذلك الوقت يختلف عنه الآن .. أما مدحه لعبدالملك فقد أملاه
ظرف التكسب والمداراة .. و لذلك كان بيته في مصعب قويا لأنه نابع من قريحة صادقة وبيته في عبدالملك ضعيفا على الرغم من الصورة التي تضمنها 
لأنه غير صادق في التعبير .)
وهذا ما اشرته ذاكرتي عن حالات يجد الشاعر نفسه فيها ملك خزينه ومحرك الحدث والاذن التي تسوقه طبقا لدخيلته ومخزونه من الحفظ والجدارة في امتلاك ناصية العروض بلا خلل، على انه سيسير على هذا البحر وسينتهج هذه القافية، اتفاقا مع الحدث – الموضوع – ، بطبيعة الحال هو المبدا الذي يجب ان يكون عليه الشاعر المطبوع وليس ذاك الذي يتهيأ او يهيء نفسه لصناعة قصيدة لموضوع ما بادءا بترتيب الاحتياجات الضرورية من المستلزمات من عروض 
( بحر) يختاره هو وقافية يقررها هو بل مطلع قد يتغير الى ان يجد المناسب لما يريد من موضوع، هذا الفرق سيبرز شاخصا بين المصنوع في هذا المثال والمطبوع في المثال الذي سبقه، وعلى هذا الاساس انتهت او اُلغيت صفة من صفات الصدق الفني وهي الشاعر الشاعر، وليس الشاعر المدعي للشعر، ولان البحور كافة اصبحت مطلقة ومتاحة امام الشاعر في الوقت الذي كان قديما يشار الى تصنيف من قبل بعض الادباء والشعراء بان البحر الطويل مثلا يختص بالفخر، والرمل للغزل والوافر للحماس، واطلق العنان للشاعر حرا بان يكتب وفق مايشاء وهذه عقبة بسيطة كانت ربما تقف في مشيئة الفنان او تحدده وهكذا، وهذا المبدا انتهى تقريبا بعد سنين مما تم التعارف عليه، وهنا انتقلنا من شاعر الى شاعر فنان وهو الفرق الواضح بين قصائد كانت تتمتع بروح فنية راقية الشعور تتميز عن اخريات مما لايعد ولا يحصى من القصائد، والى وقتنا الحاضر لايخلد ولا يستقر في الذهن الا فن الشاعر في قصيدته او عمله الشعري، هذا المبدأ هو الذي يميز الصدق الفني للشاعر نفسه بين قصيدة واخرى مثلما يحسب هذا الشاعر على غيره من الشعراء الاخرين بالتميز والتفرد في اعماله...ان المشتركات بين الشعراء واحدة وكما قال الجاحظفي اختصاره معنى الشعر: ( الشعر مفردات ملقاة على قارعة الطريق) والشاعر من اجاد انتقاءها، هذا الانتقاء الصحيح والباهر والارقى والابعد في الخيال هو الذي نقصده ونتمناه بالـ ( الصدق الفني) في الشعر، ومما لاشك فيه فهناك شعراء ذاع صيتهم وعلا شأنهم في اعمال خلدتهم، وهناك اعمال شعرية خالدة غُيِّبَ اصحابها واختلف – قديما – على صحة انتساب القصيدة لهم او لغيرهم، وهناك ابيات من الشعر استقرت وسرت امثالا وحكما تتداولها الناس في كل اصقاع الوطن الكبير، وما هذا الا لتمتع تلك الاعمال بالفن الراقي الذي اطره الصدق الفني للشاعر، يقول الجاحظ في كتابه 
الفرق بين الشاعر الفنان الذي يتجلى الصدق الفني في اعماله، والشاعر الاخر الذي هو على عكس الاول... 
بالمقابل اتمنى ان لايفهم من مقالي هذا ورايي المتواضع انني نصبت نفسي وليا وسلطانا اقيم هذا وارفعه وازيح ذلك، لانني لم اذكره، ابدا ليس هذا انما العملية هي حالة من التقييم لثوابت تدعو الى الاحتذاء بها من قبل الجيل الراغب في ان يكون شاعرا وفنانا كغيره من الخالدين، كيف؟ هذا مانريده... السؤال كيف اكون؟ هو الهدف من وراء هذا البحث...
في قصيدة ( سلوا قلبي) لامير الشعراء احمد شوقي رضي الله عنه يقول فيها: 
وكل بساط عيش سوف يطوى .... وان طال الزمان به وطابا
كأن القلب بعدهم غريب .... اذا عادته ذكرى الاهل ذابا
ولا ينبيك عن خلق الليالي .... كمن فقد الاحبة والصحابا
التوقف هنا عند البيتين الاثنين قبل الاخير هو تهيئة للبيت الاخير مقصد البحث، وعلى ما اذكر في نقاش ثقافي في جلسة حوارية سنة 1978 كانت لي مع زملاء من مصر الاسكندرية معنيين بالادب والشعر، عرفت ان كلمة ( خلق) الليالي كانت ( ظلم) الليالين لكن شوقي غيرها بمقترح عليه تماشيا مع روح النص وصاحب الذكرى الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم، الذي يستوقفني في هذا البيت بالذات انني كنت احفظ القصيدة آنذاك كاملة وما يساعدني في استمرار الحفظ هو تكرار سماعها بصوت الرائعة ام كلثوم وهي تصدح بها لحنا عبقريا اجاد السنباطي تجسيد الكلمات فاظهرها بالجمالية التي عهدنا عليها السنباطي في الروائع،، كل ماتقدم لم يوصلني انا شخصيا الى ان اتلمس الحس والتصوير الذي كان عليه شوقي حين كتابة القصيدة لانني كنت ارى القصيدة بعيون المتلقي وبعيون المتابع وربما المحب لشوقي كونه شوقي، ولام كلثوم كونها الصوت الاوحد، ويقينا قبل هذا وذاك كله ارتباط الحدث بسيد الخلق واكرم الانبياء،، الذي جعلني انتبه الى هذا البيت بالذات وهو بمثابة قصيدة لوحده وبعد مرور اكثر من عقدين من تاريخ تعلقي بشوقي وام كلثومن كنت في ساعة احتضار وصلت معي الامور الى ان اسلم انني في لحظة كنت فيها بعيدا عن الوطن بما يزيد عن سبعة عشر عاما وفي ظلمة سجن - ابعدكم الله جميعا عن حيثياته-، وكان لي من السجن الانفرادي ما جعلني اسال الله ان يأخذ امانته لشدة ماعانيت، هناك وفي غياب الاهل والخل والاقرباء، وغياب الوطن بمفرداته، فـ 
لا انيس يسمع الشكوى ولا ... خبر يأتي، ولا طيف يمر
بين حيطان وباب موصد.... كلما حركه السجان صر
هناك رايت شوقي، ليس شوقي الشاعر ولا شوقي الامير، ولا شوقي المترف، انما شوقي الكشاف المتشوف، كيف آن لشوقي وهو هناك في مصر ان ينتقل من زمنه حينها بروحه الى زمني حينها ويحل في روحي، آه كم اتذكر انني بكيت وبكيت حتى استرعى بكائي ذلك الذي كان يغلق كوة السقف المربعة والمنفذ الوحيدة التي تمنحني الحياة بنَفَس من خلال هوائها يديم حياتي على الاستمرا، فتارة يغلقها واخرى يفتحها غير مبال بمن يتضور ضيقا وجوعا وغربة وعذابا، بكيت كثيرا وقتها، وحين فاجأني بالسؤال عما يبكيني، لم اجبه انما انهمرت دموعي حين ذاك بشكل غير طبيعي ولم يأتني في تلك اللحظة بعد الله سوى شوقي و
ولا ينيك عن ظلم الليالي ... كمن فقد الاحبة والصحابا
عرفت حينها لماذا كان والدي يصر بتقديم شوقي بـ ( ملك الشعراء) حين كنت اعارضه كان يهز رأسه وهو يعي مايقول، في الوقت الذي كان التر ف يبعدنا عن فهم ما في النفوس التي خبرت الحياة... 

كيف تسنى لشوقي ان يحل بروحي، بل، وهل جرب شوقي ما انا في وما مررت به؟ ربما حين كان في اسباينا لكنه لم يكن في السجنن ولم يكن في سجن في غربة مع عدو لايرحم ... اذا هذا هو التعريف الحقيق للصدق الفني، ان يحل الشاعر في كيان وجسد وروح من يخاطب لا ان يجمع الكلمات (الملقاة في الشارع) بترتيب جميل يصل الى الكلام المنمق الراقي في التعبير فقط، ابدا ليس هذا هو الشعر، الذي اقصده انا والذي يتحلى بالصدق الفني، لان الشعر اذا شابه الكلام فهو لم يتعد حدوده


L’image contient peut-être : une personne ou plus